بطيبتهن وصمودهن.. وجوه نسائية من متضررة من الزلزال تخطف الأنظار
خطفت وجوه نسائية مغربية من القرى النائية التي ضربها الزلزال الأخير بإقليم الحوز الانتباه على الشبكات الاجتماعية، إذ أشاد العديد من النشطاء بما وصفوه بكفاح وصمود وصبر المرأة في الأرياف والبلدات المعزولة.
وركز الكثيرون على دور النساء القرويات في التعاطي مع تداعيات الكارثة، التي خلفت آلاف القتلى والجرحى ودمارا واسعا في ستة أقاليم بينها مراكش، إحدى أبرز الوجهات السياحية في المنطقة المغاربية برمتها.
سيدة الزعفران
ومن بين أبرز النساء اللواتي خطفن الانتباه سيدة تحكي محنتها لأحد زوار بيتها المدمر، وفي النهاية تعرض عليه هدية عبارة عن زعفران، فلقبها رواد الشبكات الاجتماعية بـ”سيدة الزعفران”.
وظهرت هذه السيدة في مقطع فيديو تُشير إلى أنها وحيدة بلا أب وبلا زوج، وأن الزلزال خرّب بيتها، لكنها لم تنس أن تطلب من الزائر أن يمدها بعنوانه لترسل إليه أبرز التوابل التي تفتخر بها المنطقة.
وتنتج منطقتا الحوز وسوس أجود أنواع الزعفران، الذي يُوصف بـ”الذهب الأحمر” بسبب غلاء سعره نظرا لندرته واستعمالاته المتعددة.
علّق العديد من المدونين متأثرين بكرم هذه السيدة الأمازيغية، إذ كتب بوزياني يوسف: “في عمق الأسى والحزن، تحت أنقاض الشهداء، ورائحة الموت، بعد فقد الزاد والمتاع، تقول سيدة في كامل عمرها ‘أين تقطن حتى أرسل إليك بعض الزعفران”.
وتابع: “أي كرم وأي قلب هذا؟ وجهها حكاية مطرزة بخيوط الحب.. هؤلاء أتقياء أصفياء لا يعرفون كره ولا ظلم، هؤلاء هم أولياء الله في الأرض الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون”.
بدورها، كتبت سهام لبكيري: “لك أن تتخيل سيدة ليس لها أحد، لا أب، لا أخ، لا زوج، وحيدة وسط هذه الأزمة بدون أي معيل. فقدت منزلها، ووسط الحديث عن وضعها بعد الزلزال تقول ‘قول لي كيف أرسل إليك قليل من الزعفران”، مضيفة أن “كرم هؤلاء الناس وطيبتهم درس لنا جميعا”.
نساء “الطوب”
وأشاد نشطاء آخرون بمن وصفوهن بـ”لبوءات الأطلس”، في إشارة إلى تضحيات السيدات في مناطق جبلية معزولة بنواحي مدينة تارودانت.
ونشروا صورا ومقاطع فيديو تظهر سيدات في منطقة نائية يشاركن في نقل مواد البناء والحجارة (الطوب) على ظهورهن لمسافات طويلة مساهمة منهن في جهود بناء مسجد محلي.
وبحسب بعض المدونين ووسائل الإعلام، فإن هذه الصور التقطت في قرية بتارودانت قبيل الزلزال، الذي قضت فيه عدد من السيدات المشاركات في عملية تشييد المسجد.
وكتب محمد أومازا قائلا: “نساء وأطفال قرية أمندار تارودانت، ساهموا في بناء مسجد ولم يمر شهر حتى غادر غالبيتهم الحياة بسبب الزلزال الذي ضرب قريتهم، دُمرت القرية وبقي فقط المسجد. رحمة الله عليهم، وإن شاء الله صدقة جارية وبيت في الجنة”.
ولخصت خديجة التويزي حديث الشبكات الاجتماعية عن دور وتضحيات المرأة في قلب الزلزال، قائلة إن “كفاح ونضال وتضامن وصبر وصمود شيم تتحلى بها النساء القرويات”، داعية للضحايا بـ”الفردوس الأعلى من الجنة” والصبر وطول العمر، والخروج من المحن للأخريات.
وتلعب النساء القرويات أدوار كبيرة في مجتمعاتهن سواء كمزارعات أو مربيات للأطفال، بالإضافة إلى المساهمة بالمجهود البدني في أنشطة مُرهقة، مثل جلب الحطب والمياه، والتكفل بالحيوانات، وحرث الحقول، ورعاية كبار السن المرضى.
يُذكر أن الحكومة المغربية أشارت إلى أن عدد الانهيارات التي تسبب فيها الزلزال وصلت إلى نحو 60 ألف.
وأعلن المغرب برنامجا لإعادة الإيواء، يشمل في مرحلة أولية نحو 50 ألف مسكن دمره الزلزال، إضافة إلى مبادرات لإعادة الإعمار، والتكفل بالأيتام.
وكان الديوان الملكي أعلن في وقت سابق، أن الميزانية المتوقعة لبرنامج “إعادة البناء والتأهيل العام للمناطق المتضررة من زلزال الحوز، يقدر بنحو 11.7 مليار دولار على مدار خمس سنوات”.
ومن المقرر أن يستفيد من هذا المبلغ حوالي 4.2 مليون شخص.
أصوات مغاربية