الإكتئاب المفاجئ.. دراسة تكشف عن أسبابه
يُصاب بعض الأشخاص بالاكتئاب لأسباب عديدة، وأحياناً تكون هذه الأسباب معقدة ويصعب فهمها، وفي بعض الحالات، يمكن أن ترتبط مشاعر الاكتئاب بشكل واضح بتجربة في حياة شخص ما، مثل خسارة مأساوية أو حدث عنيف.
وفي أحيان أخرى، يكون هناك تاريخ عائلي من المرض العقلي، ونتيجة لذلك يُصاب البعض بالاكتئاب لأسباب وراثية، ولكن يُصاب كثير من الناس بالاكتئاب ولا يعرفون السبب، إذ يشعرون بأنه ليس لديهم « سبب » للاكتئاب، خاصة إذا كانوا يرون أن حياتهم جيدة مقارنة بالآخرين.
وتشير الأبحاث الجديدة إلى أن الإصابات والضعف المناعي يمكن أن تلعبا دوراً في إحداث تغييرات مفاجئة في المزاج والسلوك، والعدوى والخلل المناعي والالتهاب العصبي، كلها عوامل سبب في الاضطرابات النفسية المزمنة مثل الاضطراب الاكتئابي، والقلق وانفصام الشخصية والاضطراب ثنائي القطب.
الإصابة بعدوى شديدة
وجدت دراسة علمية أن الأشخاص الذين عولجوا من عدوى شديدة كانوا أكثر عرضة بنسبة 62% للإصابة باضطراب مزاجي، مقارنة بأولئك الذين لم يصابوا به من قبل، كما أن العدوى المتعددة والإصابة بأحد أمراض المناعة الذاتية، زادت من احتمالات الإصابة بالاكتئاب أو الاضطراب ثنائي القطب أو اضطراب مزاجي آخر.
وعندما تغزو عدوى (بكتيرية، فيروسية، فطرية أو طفيلية) الجسم، فينتج جهاز المناعة أجساماً مضادّة لتدمير الغازي الأجنبي الضارّ، ولكن بعض الأشخاص تزيد استجابتهم المناعية، وتهاجم أجسامهم عن طريق الخطأ الخلايا السليمة في الدماغ.
ويمكن أن يؤدي هذا الهجوم إلى التهاب الدماغ وظهور الأعراض النفسية، بما في ذلك تغييرات مزاجية وشخصية مفاجئة، وعند حدوث ذلك، قد يكون الشخص مصاباً باعتلال دماغي مناعي ذاتي ناجم عن عدوى.
ولسوء الحظ، قد يتم تشخيص المرضى الذين يعانون من هذه الحالة بشكل خطأ بالاضطراب ثنائي القطب أو الاكتئاب المزمن أو أمراض نفسية أخرى.
نوبات المناعة الذاتية
يمكن أن تؤدي العدوى الشائعة إلى نوبة المناعة الذاتية؛ على سبيل المثال، يمكن أن تؤدي عدوى البكتيريا العنقودية إلى تغييرات مزاجية مفاجئة لدى الأطفال والمراهقين المصابين باضطراب المناعة الذاتية العصبي النفسي للأطفال المرتبط بعدوى المكورات العقدية PANDAS
يمكن أن يُظهر مرض PANDAS تقلباً عاطفياً شديداً أو تغييرات مزاجية، وغضب، ونوبات غضب، وقلق شديد (بما في ذلك قلق الانفصال)، وكذلك الاكتئاب.
غالباً ما يتم تشخيصهم بشكل خطأ على أنهم مصابون بمرض نفسي، بينما في الواقع، قد يكون لديهم حالة مناعة ذاتية يمكن علاجها، ويمكن أن تؤدي البكتيريا والفيروسات الأخرى إلى تغييرات في المزاج.
ووجدت الدراسات أن الأشخاص المصابين بالتهاب الجيوب الأنفية المزمن قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب والقلق، وبالإضافة إلى ذلك، ارتبط فيروس كورونا، الذي يؤثر عادةً على الجهاز التنفسي، والإنفلونزا باضطرابات المزاج.
التغيرات الموسمية
الاضطراب العاطفي الموسمي هو نوع من الاكتئاب المرتبط بتغيرات المواسم، ويبدأ الاضطراب العاطفي الموسمي، وينتهي في الأوقات نفسها تقريباً كل عام، وعادة ما يستمر من أربعة إلى خمسة أشهر في السنة؛ ورغم ارتباط هذا الاضطراب بشكل شائع بموسم الشتاء، إلا أن بعض الأشخاص يختبرونه خلال الأشهر الأكثر دفئاً.
ينشأ الاكتئاب الموسمي عندما يعاني الجسم من « تأخير في التكيف مع المواسم الجديدة »، كما يقول ألفريد ليوي، أستاذ الطب النفسي في جامعة أوريجون للصحة والعلوم.
فبدلاً من الاستيقاظ والاستمتاع بالفجر، يواجه الجسم صعوبة في التأقلم، والذي قد يكون بسبب اختلال التوازن في كيمياء الدماغ وهرمون الميلاتونين.
ويؤكد الباحثون أن اختلال التوازن في المواد الكيميائية في الدماغ « كيمياء الدماغ » التي تسمى الناقلات العصبية، يمكن أن يحدث لأي شخص، حتى في حالة عدم وجود محفز واضح.