من الخياطة إلى منصة التتويج.. البطلة البارالمبية سعيدة عمودي تتحدى العقبات
كشفت سعيدة عمودي عن بداياتها في رياضة ألعاب القوى للأشخاص في وضعية إعاقة، حيث تعاني من شلل في أطرافها السفلية منذ ولادتها ولم ترتد مؤسسة تعليمية في حياتها وقالت إن ولوجها رياضة العاب القوى كان بالصدفة.
وتعلمت سعيدة في سن مبكرة تعلمت سعيدة، نسج الزرابي بإيعاز من أسرتها وهي في سن الثالثة عشرة ربيعا حتى لا تكون عرضة للتنمر بـ”الداور” -حسب قولها- قبل أن تمتهن الخياطة التقليدية، التي باتت في ما بعد مصدر رزق تعيل به أسرتها بعد وفاة والدها.
وأصيبت سعيدة عند ولادتها بإعاقة حركية سفلية بسبب نقص الأوكسجين على مستوى الدماغ أثر على التحكم وتآزرية عضلات رجليها وقوتهما، وأيضا على المهارات الحركية الدقيقة عندها.
وتقول سعيدة، لوكالة المغرب العربي للأنباء، “لم ألتحق بأقسام الدراسة قط لكون القرية التي ولدت بها، منطقة الشكاك دوار أعمود بضواحي فاس، لم تكن تتوفر في بداية الثمانينات من القرن الماضي على مدرسة ووضعي الصحي لم يكن ليسمح لي بالتنقل إلى منطقة أخرى للتعلم ».
أبدعت سعيدة في الزربية المغربية، لتمتهن مهنة أخرى لا تبعد كثيرا عن النسيج، حيث تعلمت فن الخياطة التقليدية بكل أشكالها مثل الطرز والجلابة الرجالية باليد والملابس الصوفية وغيرها، وهي المهنة التي لا زالت تزاولها إلى الآن رغم دخولها عالم الرياضة.
وأضافت سعيدة: “كل شئ كان صدفة”، فعندما توفي والدها كلفت بإعداد بعض الأوراق الإدارية لكونها الثانية في ترتيب أخواتها اللواتي كن خمس بنات، إذ لم ترزق الأسرة بذكر، وصادف تواجدها بمقر الدائرة التي تتبع لها قريتها مع انعقاد الجمع العام لنادي أصدقاء فاس للأشخاص في وضعية إعاقة، والذي كانت تعتقد في البداية أنه اجتماع لإحدى جمعيات هذه الفئة.
وفالت:“اعتقدت أنه اجتماع لإحدى جمعيات الأشخاص في وضعية إعاقة وأول ما تبادر لذهني هو حضور الاجتماع ربما أحظى بفرصة الانخراط فيها وأستعين بها لإقامة معارض على الصعيد الوطني ولما لا دوليا لمنتوجاتي التقليدية التي كنت أعدها وأجد صعوبة في تسويقها، وبالتالي كسب بعض المال يساعدني على إعالة أخواتي ووالدتي التي فقدت السند ».
وتابعت سعيدة:“لا أخفي أنني أصبت بشئ من الإحباط في البداية عندما علمت أن الاجتماع لم يكن لجمعية بل لنادي أصدقاء فاس للأشخاص في وضعية إعاقة، لكن الترحيب الذي لقيته من أعضائه وتشجيعهم لي لمزاولة أحد الأنواع الرياضية كترفيه دفعني للانخراط على سبيل التجربة وأدخل بابا لم أستطع إغلاقه بعد ذلك.
احتضنها النادي منذ سنة 2013 ومارست عدة تخصصات منها كرة المضرب على الكراسي المتحركة، ورافعات القوى وألعاب القوى وتخصصت في البداية في رمي الرمح ورمي القرص ودفع الجلة، وخاضت عدة منافسات جهوية ثم وطنية محققت أرقاما أهلتها لخوض منافسات أعلى مستوى.
ومع كل رمية رمح وقرص أو جلة كان طموح سعيدة عمودي يكبر، لتلتحق سنة 2017 بجمعية معاونة المعاقين لجنوب المغرب آسفي، ثم نادي أولمبيك آسفي، وكان البوابة الكبرى التي قادتها للمشاركة في العديد من الملتقيات الدولية وبطولة العالم ثم أولمبياد ريو دي جانيرو 2016 والألعاب البارالمبية (طوكيو 2020)، حيث أهدت المغرب باكورة ميدالياته في الأولمبياد الياباني وكانت برونزية دفع الجلة (صنف إف 34).
تدرجت سعيدة تدرجت سعيدة عمودي من بطولة المغرب، التي نالت لقبها سنة 2014 بعد تصنيفها في فئة ف 34 للإعاقة الحركية، لتلتحق بصفوف المنتخب المغربي الذي شاركت معه لأول مرة في ملتقى دولي بتونس وتمكنت من تحطيم الرقم القياسي في رمي القرص وحلت ثانية على مستوى العالم.
ورغم افتقارها لأبسط شروط التهىء الجيد وبدون متابعة من مؤطر يشرف على تداريبها وعدم كفاية مدة التربصات رغم المجهودات التي تقوم بها الجامعة، استطاعت أن تحجز تأشيرة المشاركة في أولمبياد ريو دي جانيرو 2016 واكتفت بالمركز الرابع في مسابقة رمي الرمح ودفع الجلة، حيث كان يفصلها عن الميدالية البرونزية نصف سنتيمتر وهو ما حز في نفسها، وتقول: » لو حظيت بتأطير جيد وتم استثمار مؤهلاتي بشكل أفضل لأهديت بلدي ميدالية من معدن أثمن من البرونز”.
في سنة 2017، كاد أن يتوقف مشوار سعيدة الرياضي قصرا وليس طوعا، بعدما حلت رابعة أيضا في بطولة العالم في لندن تقول المتحدثة ذاتها :“قررت أن أعتزل بشكل نهائي وأغادر الحلبات رغما عني لأن الإخفاق المتواصل كان يمكن تفاديه بتوفير أبسط الشروط . عامل السن لم يعد يسعف تعبت بكل ما تحمله الكلمة من معنى . ظروفي المادية لا يمكن أن تتحسن بين ليلة وأخرى”.
وأوضحت عمودي، التي عادت إلى المنافسة من جديد بعد تشجيع الأقارب والأصدقاء لها لإتمام المسار، وكذلك كان، جاء الفرج سنتين بعد ذلك لتحرز أو ميدالية في مشوارها وكانت فضية مسابقة دفع الجلة في مونديال (دبي 2019).
الميدالية أعادت لسعيدة تقثها في نفسها وفي مؤهلاتها لكنها ألقت على عاتقها مسؤولية أكبر في تشريف المغرب، ونجحت في ذلك إلى أبعد الحدود بانتزاعها ذهبيتين في منافسات الجائزة الكبرى “فزاع” الدولية لألعاب القوى بدبي الإماراتية في رمي الرمح (15,73م) ودفع الجلة (8,33 م).
بعد برونزية دورة الألعاب البارالمبية لطوكيو، تنتظر سعيدة عمودي بشغف أكبر سنة 2024 وكلها أمل في إحراز ذهبية اختصاصها المفضل “سأقاتل من أجل بلوغ أعلى درج في منصة التتويج وربما إنهاء مشواري الرياضي ،وبعد مخاض صعب لتحقيق الذات، في القمة”.
