الحب قبل الزواج
ولأن هذه قضية شائكة فاللجوء يكَون إلى نصً يتمتع بالثبات والقوة لا بالاحتمالية وهو قوله تعالى: ((وَمِنْ ءَاياَتهِ اًنْ خَلَقَ لَكُم مَنْ اَّنفسكُمْ اَّزًوَاجًا لَتسْكُنُوا إليْهَا وَجَعلَ بيْنكُم مًوَدَةً وَرَحًمَةً)) الروم:21.
والسكن، معناه الميل والألفة بحد الجماع، فمن السكن جاءت المودة والرحمة، وما المودة إلا الحب ولا يرحم إلا محب. فالحب يأتي بعد الزواج والسكن لا قبل الزواج، وما قبل الزواجِ إلا سراب من سراب في معظم الأحيان لأنهم لم يتذوقوا فلم يعرفوا، ولو تذوقوا لصار زنا يحاسب عليه الله تعالى..
ولكن ما التصرف اذا كان عشقا وحبا؟
جاء رجل الى عمر ومعه زوجته تريد الطلاق بحجة أنها لا تحبه، فقال عمر:
وهل كل البيوت تبنى على الحب؟
فالإسلام لم يجعل الحب شرطا في الزواج، وليس في الآيات أو الأحاديث ما يشير إلى هذا الشرط لبناء الحياة الزوجية أو لاختيار الشريك، بل جعل مرجعية الزواج التي يحتكم إليها في الاختيار عند الرجل والمرأة.
هو حسن الخلق أو الدين كما ورد في حديثين سبق ذكرهما: « إذا جاء كم من ترضون دينه و خلقه »، وحديث « تُنكح المرأة لأربعِ ….. فاظفر بذات الدين ».
وهذه الدعوة إلى تقديم الجانب الخلقي والتحذير من غيابه تجعل الزواِج شاُباً عقلانيَّا، مقابل الشأن الانفعالي الذي يختزنه اختيار الحب، وقد بينت التجربة الإنسانية في الزواج، وفي بلدان العالم كافة أن الاختيار المبني على الحب لم يمنع الزواِج من الانهيار في مراحله كافة، ولم يمنع الحب من الاختفاء، وذلك لأن الحب شعور إنساني والمشاعر الانسانية متقلبة، لا تتسم بالثبات فقد يشتد الحب، وقد يضعف، وقد يندر بسبب الألفة والعادة، والتجربة، والظروف والسن.
واللُّه تعالى يريد زواجا على أصول ثابتة، والحب غير ثابت، فليكن الجانب الخُلقي فمرجعيته أكثر ثباتاً ولم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم إلا على خلق عظيم، وإنما بعث ليتمم مكَارم الاخْلاق لا ليتمم المشاعر والأحاسيس.