لأول مرة في تاريخ الوكالة الدولية للطاقة الذرية.. مغربية تتولى منصب نائب المدير العام
لأول مرة في تاريخ الوكالة الدولية للطاقة الذرية، تتولى امرأة منصب نائب المدير العام للوكالة.
هذه المرأة هي الدكتورة نجاة المختار، عالمة وباحثة مغربية عملت أستاذة جامعية ومديرة للبحوث في جامعة ابن طفيل في المغرب لأكثر من 20 عاما.
وتعترف الدكتورة بأنها لم تكن من « العباقرة » في المدرسة – لكن كل شيء تغير عندما اكتشفت شغفها بالعلوم.
“كل فتاة عربية قادرة على تجسيد طموحاتها، المهم هو تحديد الأهداف بدقة والثقة في النفس والعمل الدؤوب، فإذا أردت النجاح فلا بد من الدموع والعرق، أنا بدأت بأقل الإمكانيات ودرست في ظروف صعبة ونجحت”.
بهذه الكلمات قدمت الدكتورة المغربية نجاة المختار نائب المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، توليفة النجاح الخاصة بها جامعةً في مضمونها بين البساطة والعمق.
مصدر إلهام وفخر
السيدة العربية المتألقة في المجال النووي والرائدة عالميا، باتت تجربتها المهنية والقيادية صلب الوكالة الدولية للطاقة الذرية مصدر إلهام وفخر لكل نساء العالم، خاصة العربيات منهن، بعد أن أصبحت أول عربية تتولى هذا المنصب الرفيع بهذه الهيئة الدولية.
من باحثة تحتل مكانة رفيعة كرئيسة لقسم العلوم النووية وتطبيقاتها، إلى مجالسة زعماء العالم وصناع القرار النووي بمجلس قيادة الوكالة الذرية، مسيرة تلخص قصة نجاح استثنائية في ميدان معقد تختلط فيه حسابات السياسة بمعادلات التفاعل النووي.
نبذة عن حياة نجاة المختار
في وسط اجتماعي وعائلي بسيط يمنح الأولوية في التعليم للذكور، لاعتبارات مادية واجتماعية والتزاما بتفكير سائد لا يولي أهمية لتمدرس الفتيات، ولدت نجاة المختار في أواخر الخمسينيات من القرن الماضي بالمغرب.
وعلى عكس الصورة النمطية التي يصورها البعض عن العلماء والعباقرة، فإن مسيرة الباحثة المغربية في مرحلة التعليم لم تكن متميزة، إذ تعترف بأنها لم تكن من “العباقرة في المدرسة، لكن كل شيء تغير عندما اكتشفت شغفها بالعلوم”، على حد قولها.
الشغف ذاته الذي غير مسار حياة الباحثة المغربية في سنوات المدرسة، استمر محفزا لها بعد تخرجها من الجامعة وعملها كأستاذة وباحثة في جامعة ابن طفيل في المغرب لأكثر من 20 عاما.
طموح نجاة المختار وسقف أحلامها كان يتجاوز الحدود الأكاديمية في بلادها، لتبدأ رحلة التحليق من المغرب إلى النمسا.
شغف العلوم
مدفوعة بشغف العلوم والتفوق انطلقت نجاة في مغامرة دراسية جديدة بالولايات المتحدة تحصلت في ختامها على دراسات ما بعد الدكتوراه، لتفتح أمامها فرصة الانضمام إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، كأخصائية في مجال التغذية.
ويشكل تغيير النظرة السلبية السائدة عن الطاقة النووية ومخاطرها، أحد أبرز تحديات نجاة على رأس عملها، فهي تسعى إلى ترسيخ قناعة تبرز سلامة التقنيات النووية خارج الاستخدامات العسكرية.
“قد لا يعلم البعض على سبيل المثال أن الوكالة تقوم بتدريب الأطباء على التعامل مع التقنية النووية، بما يمكنهم من تطوير معارفهم في عمليات العلاج والتشخيص بالأشعة السينية وكيفية إعطاء الجرعات المناسبة للمرضى”، تضيف الدكتورة نجاة المختار في حديثها عن الأدوار التي تضطلع بها الوكالة بعيدا عن المجالات السياسية.
وعلى مدار سنوات عملها بالوكالة كرئيسة قسم العلوم النووية، طورت الدكتورة نجاة المختار عددا من البرامج والمشاريع البحثية التي تعتمد على الطاقة النووية في الإنتاج الزراعي وتوليد طفرات وجينات نباتية مقاومة للأمراض بالاعتماد على التقنيات النووية، ما قد يساهم في التصدي لمشكلة الأوبئة التي تهدد المحاصيل ويساعد في حل معضلة الغذاء التي أصبحت مصدر قلق العالم.
مكانة نجاة المختار وتجربتها الرائدة، تتجاوز التصنيفات الكلاسيكية لقصص النجاح التي تغلبت على المعوقات الاجتماعية والمادية، فليس من الهين التحرر من شعور الطمأنينة والأمان المادي والاجتماعي والتنازل عن امتيازات أستاذ جامعي مرموق في المغرب لاتباع شغف يحملك إلى مغامرة جديدة محفوفة بالتحدي والمخاطر.
فلسفة تجسد التفوق على الذات والطموح المستمر تلخصها العالمة العربية النووية بالقول: “إذا كنت ترغب في القيام بشيء فيمكنك فعله… فقط عليك أن تستمر في المحاولة”.